السلام عليكم
قال الله تعالى: { مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ (40)}[.
سورة الأحزاب].
حريّ بنا أن نتكلم عن وفاة سيد الأمة وإمام الأئمة من أرسله الله للناس هدىً
ورحمة فهذا يذكرنا بأن الدنيا دار ممر والآخرة دار مقر وبأن الموت حق قد كتبه
الله على العباد، وأفضل العباد قد مات ولا بد لكل واحد منا أن يموت فقد قال الله تعالى مخاطبا نبيه المصطفى في الكتاب: { إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30)}[سورة الزمر]
أي إنك ستموت وهم سيموتون.
بداية مرض الرسول عليه الصلاة والسلام:
ابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم صداع في بيت عائشة، قالت:
دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه،
فقلت: "وارأساه" قال: "بل أنا وارأساه"، ثمّ اشتد أمره في بيت ميمونة،
واستأذن نساءه أن يمرّض في بيت عائشة فأذن له، وكانت مدة علته
اثني عشر يوما وقيل أربعة عشر.
فعن عبيد الله بن عبد الله قال: دخلت على عائشة فقلت ألا تحدثيني عن مرض
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت: بلى، ثقل رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال: أصلى الناس؟ فقلت: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله.
فقال ضعوا لي ماء في المخضب ففعلنا، فاغتسل ثم ذهب لينؤ (أي لينهض)
فأغمي عليه ثم أفاق فقال: أصلى الناس؟ فقلنا: لا، هم ينتظرونك يا رسول الله،
قالت: والناس عكوف في المسجد ينتظرون رسول الله لصلاة العشاء، فأرسل
رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر يصلي بالناس وكان أبو بكر رجلا
رقيقا، فقال: يا عمر صلّ بالناس. فقال النبي : أنت أحق بذلك. فصلى بهم
أبو بكر تلك الأيام.
ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة (أي خف عنه المرض)
فخرج بين رجلين، أحدهما العباس، لصلاة الظهر فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر
(أي ليرجع عن الإمامة في الصلاة بوجود رسول الله صلى الله عليه وسلم)
فأومأ إليه أن لا تتأخر، وأمرهما فأجلساه إلى جنبه فجعل أبو بكر يصلي قائما
ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدا. رواه البخاري ومسلم والنسائي.
موت الرسول وغسله صلى الله عليه وسلم:
عن أنس رضي الله عنه قال: لمّا ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل
يتغشاه الكرب فقالت فاطمة رضي الله عنها: واكرب أبتاه. فقال لها:
ليس على أبيك كرب بعد اليوم. فلما مات قالت: يا أبتاه أجاب ربّا دعاه،
يا أبتاه جنّة الفردوس مأواه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه، فلما دفن قالت فاطمة:
"يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم
التراب". رواه البخاري.
واضطرب المسلمون، فمنهم من دهش وخولط، ومنهم من أقعد فلم يطق
القيام، ومنهم من اعتقل لسانه فلم يطق الكلام، ومنهم من أنكر موته بالكلية،
وقال إنما بعث إليه، حتى جاء أبو بكر وكشف عن وجه النبي صلى الله عليه
وسلم ثم أقبل عليه يقبله، ثم قام بتثبيت الناس: فقال: أيها الناس! من كان يعبد
محمداً فإن محمداً قد مات! ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت، ثم تلى
قوله تعالى: { وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ
انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللّهُ
الشَّاكِرِينَ } [آل عمران:144]. ، ثم غسلوا النبي صلى الله عليه وسلم في ثوبه، وكفنوه،
وصلوا عليه أرسالاً أرسالاً، يدخلون من باب ويخرجون من الآخر.